الثلاثاء، 2 مايو 2017

مأساة آرسنال.. فريق لا يُحب مشجعيه

في العام الماضي، كنت متوجهاً إلى لندن تزامناً مع بدايات الدور الثاني للدوري الإنجليزي، كنت أمّني نفسي بحضور مباراة لأرسنال والتشجيع من المدرجات بدلاً من وراء الشاشة. لا مناسبة أفضل من هذه.
كنا قد أنهينا الدور الأول متصدرين للجدول للمرة الأولى منذ سنوات. يونايتد وتشيلسي وليفربول متعثرون ولا ينافسنا سوى ليستر سيتي عديم الخبرة ومن بعيد توتنهام الفريق الوحيد الذي مازلنا محتفظين بعلو كعبنا عليه.
لم أتمكن من الحصول على تذكرة للمباراة. الإدارة ترفع الأسعار بشكل جنوني ومشجعو الفريق الأصلاء غاضبون بشدة. وحدهم محدثو الغنى والتشجيع من في وسعهم الذهاب للملعب لا للتشجيع بل للفسحة والتصوير.
شاهدت المباراة في إحدى الحانات وسط عدد كبير من الأرسنالاوية المتحمسين، وانهزمنا!
لا جديد في الهزيمة. نحن معتادون على ذلك، لكن الجديد أنه لا حجة لدينا هذه المرة. انتهينا من بناء الملعب، وأصبح عندنا حارساً للمرمى. لا إصابات مؤثرة، لا تحكيم يخشى من السير فيرجسون، لا نستطيع التعلل بالحظ حتى فمنافسنا المفاجئ ليستر يقوده أتعس مدربي العالم حظاً. لا نقدر حتى على الحديث اليساري عن عدم القدرة على مجاراة الأندية الغنية فليستر ليس غنياً بل نحن الأغنياء مقارنة به.
قررت تشجيع صعاليك ليستر الذين كنت أتابع مغامرتهم بشغف منذ بداية الموسم، ولا بأس إن خسروا الدرع في نهاية المطاف، فأنا معتاد على خسارته في هذا التوقيت.
فعلها ليستر وحقق المعجزة. كنت سعيداً لهم وحزيناً من أرسنال لا عليه كما العادة.
جرت في النهر مياه كثيرة، كلوب ورانييري مستمران في البناء، جاء كونتي لتشيلسي وبيب للسيتي، وذهب كومان لإيفرتون ومورينيو لليونايتد. جلب كل منهم نجوماً ليستطيعوا المنافسة، أما فينجر فلم يجلب أحداً. هل تمزح يا أرسين؟ هل ستنافس بمهاجم مثل جيرو؟ قل لي من هما جناحيك؟ هل سنلعب بلا ظهير أيسر عليه القيمة عاماً آخر؟ هل مازلنا مطالبين برؤية مرتساكر؟ هذا كثير!
لديك مراكز ناقصة، ولديك مال، وفي السوق لاعبون متاحون. كفى!
ابتدأ الموسم الجديد بمباراة ليفربول وعصرت على نفسي كل ليمون العالم لأرى المباراة، فمازلت منكوباً بحب هذا الفريق. ما هذا التشكيل؟ ما هذه الخطة؟ من هؤلاء؟ بأي حق احتلوا أماكن هنري وبيرجكامب وفييرا وبيريس؟
ليس منهم لاعباً مفضلاً لدي. لا يستطيعون بناء هجمة جذابة ولا يبدو أن فينجر قد دربهم على شيء ولا أرى تكتيكاً جيداً لمواجهة الليفر.
أطفأت الشاشة قرب منتصف الشوط الأول ونمت من كثر الملل والغيظ. عندما استيقظت علمت بالخسارة وكنت هادئاً فهذا فريق لم يعد قادراً حتى على جعل مشجعيه يغضبون عندما يخسر، وكما نفدت الحجج، نفدت أسباب تشجيع هذا الفريق. لم تعد كرتنا الأجمل، وليس لدينا لاعبون رائعون، ولا مشجعو ملعبنا يثيروا الحماس، أما فينجر الذي أحببت الفريق معه فقد أصبح منتهي الصلاحية، تجمد فكره ولم يتطور منذ عقد كامل وسبقه مدربين عديدين بسنين وسنين. سيء الاختيارات وعنيد. كثير الحجج وبليد. يشكو من قلة الأموال وعندما تتوفر يجلب بها لاعبين منتهين. لم يعد حتى يقدم ناشئين بارعين!
فقد السيطرة على لاعبيه وفقد عقله للدرجة التي جعلته حين يدخل في معارك كلامية على غير عادته، يدخلها مع تييري هنري. ألم تجد سوى هنري يا أرسين؟
لا يملك فينجر ما يستطيع به أن يقنع نجماً بالانضمام إليه. فما الذي يدفع لاعباً جيداً حالماً للانضمام لفريق كهذا وتفضيل عرضه على عروض الكبار؟ لن يوجد لاعب جيد ينضم لفريق غاية أمله المركز الرابع في البطولة المحلية والمركز الثاني في دور المجموعات في أوروبا مهما كان المنافسين ثم الخروج المهين من دور الستة عشر كل عام؟
كهؤلاء اللاعبين، لا دوافع لدي أيضاً لتشجيع فريق هو مثل أميرة فعل من أجلها فارس يحبها كل شيء لكنها لم تبادله الحب، فلا متعة ولا جدوى من هكذا حب. أرسنال كهذي الأميرة. أرسنال لا يحب مشجعيه.

===

نُشر بموقع المنصة بتاريخ 29/8/2016

الاثنين، 21 مارس 2016

تدوينة في ذكرى الثورة

قبل الثورة، 2010 كانت أكتر سنين حياتي بؤساً ويأساً. كنت فاقد الأمل في كل شيء، وجت 2011 وابتدت بداية مأساوية بتفجير كنيسة القديسين وافتكرت إنها هتبقى سنة أسوأ من اللي قبلها. ساعتها كانت ثورة تونس الملهمة بتحصل، وابتديت أتابع أحداثها بجنون وأنا بين الأمل في حدوث أي تغيير في الواقع الرتيب اللي كنا فيه، وبين التحسر على حالنا عشان كنت مستبعد إن يحصل عندنا ثورة شبهها. لما بن علي هرب، نزلت مظاهرة تضامنية مع الثورة التونسية على سلم نقابة الصحفيين وغضبت في المظاهرة دي غضب كبير جداً لإني حسيت وقتها إن الهتافات قديمة ومكررة. مشيت من المظاهرة وأنا مقرر ما أنزلش مظاهرات تاني أبداً. 
بعدها بكام يوم، ابتدت الدعوات لـ 25 يناير. اتعاملت مع الدعوات دي بسخرية شديدة في الأول، لكن نتيجة لزن شديد من أصحابي، قررت إني هانزل يوم 25 عشان بس أعرّف السلطة إن فيه ناس بتقول لها لأ وما كانش عندي أي طموحات في أي حاجة كويسة في الحقيقة. ابتدى حماسي يزيد في الأيام القليلة اللي بين قراري بالنزول ويوم 25، وشاركت مع أصحابي في الحشد لليوم كمان.
زي النهارده، نزلت مظاهرة شبرا اللي ابتدت بـ 10 أنفار. عند تقاطع في جزيرة بدران.. عشت لحظة أعتقد إنها الأسعد في حياتي.. كان فيه مظاهرات كبيرة جاية من الأربع جهات. ساعة ما الأربع مظاهرات ضموا على بعض وبقينا بالآلافات، وقفت أرقص في الشارع وأنا بازعق بهيستيريا: حرية.. حرية.. حرية. في اللحظة دي حسيت بكم أمل مهول، وحسيت إن كل الأحلام اللي حلمت بيها في حياتي قابلة للتحقيق، أو يمكن حسيت إنها اتحققت بالفعل. مشينا بعدها لميدان التحرير، وباقي الحدوتة معروف إلى حد ما.
بعد 5 سنين من اليوم ده، عاوز أقول إنه كان أجمل يوم في حياتي، وإن أكتر حاجة بافتخر بيها في عمري كله إني شاركت في الدعوة لـ 25 يناير وإني كنت من اللي شاركوا فيها من أولها، وإني ما تخلفتش عن ركبها أبداً، أو هكذا أظن.
عاوز أقول كمان إني مسامح أي حد لسه راكب قطر الثورة في أي موقف شفت إنه غِلِط فيه. كلنا بنغلط. وعشان كلنا بنغلط، بطلب من شركائي في الحلم يسامحوني ع الحاجات اللي شافوني فيها غلطان. بس أنا مش مسامح أي حد كان معانا في الرحلة دي واختار إنه يسيبنا وما يرجعلناش. لا مسامح اللي وقفوا مع المجلس العسكري، ولا اللي وقفوا مع الإخوان لما كانوا في الحكم، ولا اللي واقفين مع سُلطة يوليو.
أخيراً.. كل أملي إني أفضل لآخر عمري على درب 25 يناير، وإني أفضل أسعى لعيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية لكل الناس، وإني أعمل كل اللي أقدر عليه عشان خاطر المساجين السياسيين والمختفين قسرياً، وعشان نجيب حقوق الشهداء والمصابين وضحايا التعذيب والانتهاكات الجنسية والمحاكمات غير المنصفة، وعشان كمان نحاسب اللي أجرموا في حق الناس دي.
===

الثلاثاء، 14 أبريل 2015

الإنترنت فيه سمٌ قاتل *

مفارقةٌ واضحةٌ هي بالطبع، حين استخدم الإنترنت لنشر مقال معنون بعنوان كهذا، لكني قصدت إظهار هذه المفارقة بهذا الوضوح، لدحض أي شك في سلامة قوايَ العقلية، فليس عاقلا بالطبع من سيدعو الناس في عام 2015 للتوقف عن استخدام الإنترنت. أنا فقط أريد الحديث عن إدمان الإنترنت.
هل بدا أني اخرق قواعد الكتابة واكشف مبكراً عن مرادي؟ إنني ادفع هذه التهمة أيضاً عني، فغايتي ليست تلك المذكورة أعلاه، ولكني في الحقيقة أود سرد تجربة شخصية.
بدأَت علاقتي بالإنترنت في عام 2000 تقريباً. مراهقاً كنت. ابحث عن اهتماماتي من خلال هذه النافذة الجديدة، اتصفح مواقع كرة القدم والموسيقى، ثم مواقع الأخبار والسياسة، حين بدأت الانشغال بهما، إضافة إلى المواقع المعتاد تصفحها بواسطة المراهقين بالطبع ;)
يبدو ختام الجملة السابقة بـ ” إيموشن الغمزة” مدخلاً مناسباً للحديث عن تطور علاقتي بالإنترنت وتعرُّفي على عالم المدونات، فعالم المنتديات، ومن ثم مواقع التواصل الاجتماعي، حيث يكثر استخدام ” الإيموشنز” التي أصبحت وسيلة فعالة للتعبير يحلم الكثيرون بدخولها حيز الكتابة الرسمية.
عرفت موقع “فيسبوك” في مطلع العام 2007 ووجدت فيه أصدقاءً قدامى، وتعرّفت من خلاله على أصدقاء جدد، وتعرّفت كذلك على اهتمامات هؤلاء الأصدقاء عبر ما ينشرونه.
تطورت اهتماماتي كذلك، ووجدت في “الفيسبوك” من المعلومات والأخبار والصور والأحداث “events” ما يشبع جميع تلك الاهتمامات، ثم عرفت “تويتر” و”يوتيوب” و”ساوندكلاود” وعايشت هذه المواقع من بداياتها إلى تطورها للقدْر الذي قضى على ما سبقها من اختراعات كالـ”ماسنجر” والمدونات والمنتديات و”هاي فايف” و”ماي سبيس”.. إلخ.
في 2011 الجميلة، تحقق حلم قيام الثورة، وتسارعت وتيرة الأخبار والتغيرات حتى أصبح من المستحيل ملاحقتها عبر الصحف وقنوات التليفزيون، ولا حتى عبر المواقع الإخبارية، وحدها مواقع التواصل الاجتماعي هي التي كانت قادرة على مواكبة هذه السرعة المفرطة.
أدمنت مواقع التواصل الاجتماعي وأدمنها كُثر من شركاء الحلم كذلك.. كنا في الشوارع والميادين نصنع الأخبار ونبثها عبر حساباتنا الشخصية في التو، لتنقلها عنا كافة وسائل الإعلام حول العالم أجمع.. كثيرون منا كانوا في الصفوف الأمامية لجبهات القتال يقاومون بقذف الحجارة، يقذفونها بيد، ويغردون على “تويتر” عبر أجهزة المحمول باليد الأخرى.. تصرفات مدمنين بلا شك!
تعرفون جميعاً مآل ثورتنا المغدورة، ولن أستطرد في هذا الأمر الكئيب بالطبع. الآن هدأت الأوضاع نسبياً، وشيئاً فشيئاً تعود الأخبار والتطورات لإيقاعها البطيء، لكننا احتفظنا بعادة إدمان “فيسبوك” و”تويتر”، خصوصا بعد انتشار أجهزة المحمول و”التابلت” المتطورة.
تَمكَّن الإدمان منَّا لدرجة انتشار “نكتة” عبر هذه المواقع مفادها اعتذار شخص عن لقاء أصدقائه لأنه سيذهب برفقة آخرين للمقهى حيث سينظر كل منهم في هاتفه.
ربما هو ذلك الأمل الضئيل في مطالعة خبر جيد، أو ربما هي الرغبة في عزاء الأنفس بمطالعة تجارب شركاء الحلم وكلماتهم ووصفهم لمحاولات مقاومة الهزيمة أو محاولات الهروب من الاكتئاب والإحباط أو محاولات التأقلم.. لا أعرف حقاً. لكل مدمن لأي شيء أسبابه التي تجعله وفياً لإدمانه.
في بيتي لا يوجد إنترنت، وعملي الشاق لا يمكنني من مطالعة مواقع التواصل الاجتماعي كثيراً في مكان العمل، لذا أستخدم هاتفي المحمول لأُشبع إدماني.
بالأمس نفذت باقة الإنترنت، ولم أشأ أن أجددها لأعطي نفْسي فرصة للتوقف عن الإدمان، خصوصا أني اعترفت لنفسي بهذا الإدمان منذ فترة، وأفكر من حينها في إيقاف حساباتي على هذه المواقع لأتعافى من هذا الإدمان، خصوصا أن ميعاد التجديد التلقائي لباقة الإنترنت سيحل بعد يومين.
اكتب هذ المقال بعد مرور اليوم الأول دون وجود إنترنت على هاتفي المحمول. اكتفيت في هذا اليوم بتصفح سريع للإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي عبر حاسوب العمل.. انتابتني نوبات الاحتياج لمطالعة مواقع التواصل الاجتماعي في المواصلات، وأثناء الانتظار في طوابير الموظفين، وأمضيت هذه الأوقات في إجراء مكالمات هاتفية مع أصدقاء لم أسال عنهم منذ زمن طويل، وبادرت بالاتصال بوالديَّ بدلاً من انتظار مكالمتهما اليومية.. أخبراني أنهما فرحا كثيراً بمبادرتي بالاتصال.
بعد أن فرغت من العمل، جلست في المقهى مع أصدقائي جلسة طويلة امتلأت بالحديث المتواصل في شتى الموضوعات بعد أن تضامنوا معي ولم يستخدموا هواتفهم في مطالعة الإنترنت أثناء جلستنا.
عدت إلى البيت، وبدلاً من قضاء الوقت حتى ميعاد النوم في مطالعة الإنترنت، وجدت وقتاً لوضع ملابسي المتسخة في الغسالة ونشرها – نعم يعطلني الإدمان عن مثل هذه الأمور البسيطة- ووجدت متسعاً من الوقت كذلك للتخلص من الفوضى العارمة في البيت حيث غسلت المواعين ورصصتها نظيفة في المطبقية، وجمعت الملابس المتناثرة ووضعتها مرتبة في الخزانة، ورتبت ملفات العمل والأوراق المكومة فوق المكتب وعلى المنضدة، رتبت الكتب كذلك ونظَّمت المكتبة.
صار البيت أجمل بكثير. وجدت وقتاً حتى لتنظيم حقيبتي، وفكرت في كتابة هذا المقال ووجدت وقتاً لتنفيذ ذلك. رائع! لم أجد وقتاً لكتابة أي شيء لغير أغراض العمل منذ زمن طويل.
أنا أيضاً سأخلد للنوم وأنا أهدأ نفسياً وأروق بالاً بكثير بالمقارنة بأيام الإدمان، وأفكر الآن في أنني ربما أجد وقتاً أكثر للقراءة أو مشاهدة الأفلام في اليوم المتبقي قبل تجديد الباقة.
لن اختم مقالي بوعظة سخيفة عن التخلص من إدمان الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، فربما أعود لإدماني حين تتجدد الباقة، ولكني أُشهِد نفسْي عليَّ، سأبدأ في ترشيد التعاطي حين يعود الإنترنت للهاتف المحمول.
===
* نُشر بموقع زائد18 بتاريخ 9/4/2015

الاثنين، 16 سبتمبر 2013

قصة عرفة معوض. عرفة لسه محبوس ليه؟


 من أول الثورة اشتغلت مع آلاف مقبوض عليهم بتهمة الثورة, من أصدق من قابلت منهم, وأكثرهم ثورية, وإخلاص للقضية, واستعداد لدفع تمنها, هو الراجل اللي فوق في الصورة ده.. "عرفة معوض".
عرفة مقاول أعمال بناء, من القليوبية, تفرغ للثورة من أول يوم, وناضل ضد مبارك, وضد المجلس العسكري, وضد نظام الإخوان, وشارك في كل معارك الثورة المهمة لحد ما اتحبس, واتصاب في كتير منها لدرجة إن مافيش ولا جزء ف جسمه مافيهوش أثر لمعركة, في عهد مبارك كان من الناس اللي نزلت التحرير واشترك في موقعة الجمل وأدى دور عظيم في الدفاع عن الميدان, وفي عهد المجلس العسكري كان حاضر بقوة في كل الفاعليات الثورية ضد حكم العسكر, وشارك بدور بطولي في أحداث مجلس الوزرا, وفي عهد الخرفان, قعد يشارك في المظاهرات والاشتباكات لحد ما اتقبض عليه يوم 3 فبراير. في مظاهرة قدام قصر الاتحادية للاحتجاج على قتل الشهيدين "كريستي" و"عمرو سعد" اللي استشهدوا قدام نفس القصر يوم 1 فبراير.
 عرفة كان بيستخدم حبل بخطاف لتثبيت رسالة للخروف مرسي بيقوله فيها: إن الثوار لو عايزين يقتحموا قصره, هيقتحموه, بس هم مش هيعملوا كده حفاظاً على سلمية الثورة, وإن حكمه هيودي مصر لخراب ولحرب أهلية.
 بس قوات الحرس الجمهوري قبضت عليه, واحتجزوه جوا القصر وضربوه وعذبوه, وكمان وهم بيجروه مفاتيح عربيته وقعت منه, والعربية اتسرقت, وأهله دفعوا "فدية" عشان يرجعوها وكأنهم ناقصين مصايب.
 إعلام السلطة اتهم "عرفة" بإنه كان بيقتحم القصر باستخدام ونش, لدرجة إن ولاد الكلب بقوا بيسموه في الأخبار بـ"سائق الونش".
وجت نيابة طلعت عبد المرشد المبجلة, وأحالته للجنايات محبوس, واتهمته بعدة تهم هي:التسبب في تخريب إحدى المنشآت العامة في زمن هياج وفتنة بقصد إشاعة الفوضى, وكذلك نسبت إليه استعمال القوة والعنف مع مجند مما أدى لإصابته, وكذلك استعراض القوة قبل المجند سالف الذكر لترويعه وحمله على الامتناع عن عملهودي تهم عقوباتها المؤبد, لكنها ماكتفتش بكده, وزودت في مواد الاتهام, مواد تعدمه, وكل ده عشان التلفيات اللي عملها ف بوابة قصر الاتحادية. إيه بقى هي التلفيات دي؟ محضر المعاينة اللي رئيس نيابة مصر الجديدة بنفسه نزل عمله قال إن التلفيات عبارة عن خلع حلية نحاسية من البوابة رقم 4, وكمان البيه كسل يحرزها. آه والله زي ما بقول لحضراتكوا كده.. طالبين إعدامه عشان حلية في بوابة القصر!
والحلية دي اتخلعت "في زمن هياج وفتنة" زي ما النيابة نفسها قالت في أمر الإحالة, و ف وقت فيه آلاف المتظاهرين. عرفوا منين إن عرفة اللي خلعها؟
  القضية لما راحت المحكمة, المحكمة من نفسها كده عدلت التهمة وقالت: شروع في إتلاف إحدى الممتلكات العامة باستخدام حبل  مثبت به خطاف, عشان تنفي قصة الونش الوسخة دي من أساسها, بالإضافة لإنها شالت تهمتي "إصابة المجند", و"استعراض القوة" عنه.
- القائم بضبط عرفة مجهول, ومافيش محضر, والمذكرة المحررة ضده بتقول تم إلقاء القبض عليه, من غير ما نعرف مين اللي قبض.
- نفس المذكرة بتقول إن فيه فيديوهات متصورة لعرفة وهو بيقتحم القصر, وماشفناش الفيديوهات دي خالص, ولا هو اتواجه بيها, لحد جلسة المحاكمة اللي انعقدت يوم 16/9/2013 ولما الفيديوهات دي اتعرضت.. من أول لحظة كده لقيناها تسجيل نهاري في عز الشمس, مع إن الواقعة حصلت الساعة 12 بالليل تقريباً, ودا اللي ثابت في ورق القضية, ولما جينا نثبت التناقض الواضح ده.. القاضي زعق وانفعل وقالنا: ماتقاطعونيش, ورفع الجلسة, واتنحى!
- الأداة المضبوطة مع عرفة غير صالحة للاستخدام, وكان شايلها بحكم عمله, وهي أداة رفع مش جر, وحتى لو كانت أداة جر. أنا لو عايز أفتح باب هشده لبرا والا هزقه لجوا؟ رواية النيابة للواقعة عاملة كده زي ما تكون بتقول إن واحد حاول يقتل واحد باستخدام مسدس ميه, ودي بنسميها في القانون "الجريمة المستحيلة".
- شاهد الإثبات اللي جه.. طلع شاهد ماشافش حاجة. فيديو لشهادته من هنا.

عرفة محبوس من فبراير, وبعد ما القاضي اللي كان بينظر قضيته اتنحى, لسه هنستنى لحد ما يحددوله جلسة قدام دايرة جديدة.
أب لطفلين ولد وبنت, وأخته ماتت مريضة, وهو في السجن وماعرفش يزورها ولا يودعها. و
دلوقتي الجيش عزل مرسي وقالوا إنه خاين وعميل وابن كلب وكل اللي جه في بيان السيسي. عرفة لسه محبوس ليه يا بشر؟

الثلاثاء، 9 يوليو 2013

قبل ما تزايد علينا

أكرر: مش هدافع عن قتلة الحسيني أبو ضيف, وقبل ما تزايد على موقفي أنا واللي زيي وتقول إننا انتقائيين, احنا قبل كده تضامنا مع الإسلاميين في العباسية, ونزل مننا ناس كتيرة تقف معاهم وهم بيتضربوا في العباسية, دفاعاً عن حقهم في الاعتصام السلمي, رغم إن الاعتصام كان علشان العجل ابن الأمريكانية مش ضد العسكر ولا حاجة, وبعد كده كنا حوالي 30 محامي أغلبنا يساريين, اتسحلنا معاهم 3 شهر في المحكمة العسكرية بندافع عنهم ضد المحاكمات الاستثنائية, في نفس الوقت اللي مافيش محامي إسلامي يوحد ربنا جالهم المحكمة, رغم إن العجل أبو سماعين نفسه محامي, وفين وفين لما الأستاذ ممدوح إسماعيل جه المحكمة العسكرية, ويومها جه سجل مع القناة الأولى عشان يشيد بنزاهة وحيادية واستقلال القضاء العسكري ومشي من غير ما يحضر مع حد منهم, دا احنا حتى أضربنا عن الطعام تضامناً معهم وماعملناهاش لما كان علاء عبد الفتاح محبوس, رغم إن علاء صاحبنا اللي بنحبه جداً وابن أستاذنا كلنا أ/ أحمد سيف.
مبادئنا مابتتجزأش أهي ولا حاجة, وماحناش انتقائيين, بس احنا قررنا مانقفش مع أنصار سلطة قمعية نازلين يضربوا الناس في الشوارع بالنار لفرض نظام قمعي بالقوة وقمع ثورة الشعب ضده.

السبت، 6 يوليو 2013

جيكا.. جيكا يا ولد.. دمك بيحرر بلد

 أنا مصدق جداً إن "دم الشهدا ماراحش بلاش".. صحيح إحنا مش قادرين نجيب حقهم ونقتص من اللي قتلوهم, بس لازم نفرق بين القصاص ليهم, وهو الشيء اللي هنفضل نسعى وراه طول ما قينا نَفَس, والشيء التاني هو تضحياتهم.
تضحيات الشهداء ماراحتش بلاش, وكل نقطة دم نزلت من واحد من شهدائنا الأطهار, بتديلنا مكاسب. دا كفاية دعاء أهاليهم لينا, ودعواتهم على الظلمة والقتلة.
 تضحيات الشهدا بتخلينا إجباري مانفرطش ف ثورتنا, لإن الموضوع مابقاش اختيار.. بقى تار. لإني ماقدرش أقول لعم علي أبو الشهيد مهاب أو أبو جيكا أو أبو كريستي أو عم أحمد عطا, أنا تعبت يا عم فلان ومش قادر أكمل. أنا أصلاً ببقى خجلان من نفسي وأنا بكلمهم لإني مش عارف أجيبلهم حق عيالهم.
 الشهيد العظيم "جيكا" أكبر مثل ع اللي بقوله ده.. جيكا دا لوحده كل نقطة من دمه الطاهر كسبتنا مكسب شكل.
 جيكا اللي كان من اللي عصروا لمون ونزلوا ف شهر يونيو 2012 يحتفلوا بالتحرير بفوز مرسي ف الانتخابات وهزيمة شفيق مرشح نظام مبارك, كان أول شهيد يسقط ف اشتباكات الذكرى الأولى لملحمة محمد محمود, في نفس الشارع الطاهر, اللي كل شبر فيه بيشهد على بطولة لشاب من شباب الثورة.
 وهو مرفوع فوق الأكتاف بيهتف للثورة ولشهداء محمد محمود الأبطال, خنزير من الداخلية ضربه بالنار في راسه وف رقبته وصدره. دخل جيكا مستشفى القصر العيني, وقلوب الثوار متعلقة بيه, وبتدعيله يقوم بالسلامة, لكن بعد أيام قليلة, روحه الطاهرة طلعت السما عشان تتونس بأرواح شهدائنا العظام.
 يوم جنازة "جيكا" كان يوم تاريخي للثورة, آلاف خارجة من مسجد عمر مكرم وماشية قافلة شارع محمد محمود, بتنفذ وصيته - كان عارف إنه هينول شرف الشهادة يا حبيبي - بخروج جنازته من ميدان التحرير بيت الثورة, وبتبكي شهيدنا الجميل, وتودعه, وتحمله السلام أمانة للشهداء اللي سبقوه, وبتتوعد بالقصاص من قاتليه, وبتهتف وهي معدّية من قدام وزارة الداخلية, "الداخلية.. بلطجية", والعساكر واقفين حاطين راسهم ف الأرض ومرعوبين من قوة هتافنا اللي طالع من وسط الدموع. وف نفس الطريق للمقابر اللي مشينا فيه واحنا بنتشتم يوم تشييع جنازة مولانا الإمام الشهيد عماد عفت, كانت الأهالي بتضم علينا ف الجنازة والأمهات واقفة ف البلكونات تعيط على شهيدنا البطل.
استشهاد "جيكا" أدخل فئة جديدة تماماً للثورة, بقت عماد الصفوف الأولانية في كل المعارك من ساعة ما ربنا اصطفاه, لحد دلوقتي, والفئة دي هم الشباب اللي تحت العشرين, لإن جيكا كان ناشط جداً وسط الفئة دي, وكان بيقوم بدور حيوي جداً ف كافة الفاعليات الثورية اللي بيعملها الطلبة, كمان جيكا كان مهم ف أوساط أولتراس أهلاوي, وأولتراس زملكاوي, وشباب حزب الدستور, وشباب6 أبريل, وغيرهم من الشباب اللي كان لسه حديث العهد بالثورة وقت استشهاده.
 استشهاد جيكا كمان حررلنا منطقة "عابدين" بالكامل, وهي منطقة مهمة جداً في أي أحداث ثورة, لإنها المنطقة الشعبية الأقرب للميدان, ومنها بيطلع رجالة يشاركوا ف الاشتباكات, لكن بعد ما كان أهالي المنطقة بيقفوا مع الداخلية ضدنا في أي اشتباكات, بالذات ف محمد محمود, بقوا من أهم مقاتلي الثورة ف الاشتباكات الأخيرة, وآخر مثل على كده اشتباكات عبد المنعم رياض 5/7/2013 اللي أهالي عابدين ماكتفوش فيها بحصار الخرفان وإعطائهم علقة متينة عند محطة مترو "محمد نجيب" لمنع وصولهم لمساندة إخوانهم المعتدين على الثوار في التحرير, لكن كمان كملوا معانا المعركة وكانوا موجودين بشكل بارز في ملحمة كوبري أكتوبر, وأصبحت "عابدين" قلعة عصية على الخرفان من ساعة ما صور جيكا بقت في كل حتة في المنطقة.
 مانساش عمري يوم اشتباكات الاتحادية بينّا وبين الخرفان 5 ديسمبر 2012, لما كانت المعنويات تهبط, كان الهتاف "جيكااا.. جيكااا.. جيكا.. جيكاااا.. جيكااااااا" هو اللي بيشعلل الحماس في قلوب الثوار, وبفضل الهتاف ده, والدفعة المعنوية الرهيبة اللي بيديهالنا, والتار اللي بيفكرنا بيه, تمكنّا من دحر الخرفان وهزيمتهم شر هزيمة رغم قلة عددنا وعتادنا في مواجهة حشودهم الغفيرة وأسلحتهم الكتيرة, ومن ساعة المعركة دي, والهتاف باسم "جيكا" هو كلمة السر للثوار في كل المعارك, اللي ساعة مابيبقى الموقف صعب, أول مابيتقال بتلاقي الكفة مالت ناحيتنا وتلاقينا بنتقدم ونكسب أي معركة.
المجد ليك يا جيكا يا عظيم, ولكل شهدائنا الأبرار. وسلام على أرواحكم الطاهرة..
طول ما بركاتكم معانا, وراياتكم بتتقدم مسيراتنا مش هنتهزم..
هنجيب حقكوا, ونحقق حلمكوا.

ملّوا عينيكوا بجمال "السوبرمان" جيكا, وهو بيهتف ضد العسكر, وبيطالب مرسي إنه يحاكم قتلة الشهداء, قبل ما ييستشهد زيهم على إيد داخلية مرسي.

الخميس، 4 يوليو 2013

"لولا عاصري اللمون عليكوا على فكرة".. آن لعاصري اللمون أن يخرجوا ألسنتهم للجميع


في ظل هذه الأيام المفترجة التي نمر بها جميعاً, أحب أشكر في نفسي وأحييني وأشد على إيدي أنا وكل اللي عصروا على روحهم لمون, عشان لولانا ماكانتش الثورة اتغلبت على الخرفان بالسرعة القياسية دي.
احنا اللي استحملنا تريأة أصدقاءنا علينا وتسفيههم لوجهة نظرنا, واتهاماتهم لنا –أحياناً- بإننا "حدفنا يمين", احنا اللي كان كل ما يتأزم الحال بالجميع, يقولولنا "مش انتوا اللي جبتوه؟"
بتكلم هنا تحديداً عن اللي عصروا لمون عشان يحرقوا الإخوان ويكشفوهم قدام الناس, ونبقى بنخلص من مرحلة وسخة كنا لازم هنعدي بيها, فقلنا نخلص منها بدري بدري.
ماقلناش أبداً "هننتخبه عشان نعرف نعارضه" لإننا عارفين إن الإخوان فاشيين وماعندهمش مانع يقتلوا معارضيهم.
راهنا على غباء الإخوان, وطمعهم, ودناوتهم, لكن هم فاقوا كل تصوراتنا سيئة الظن, وأصروا يخفوا ف سنة واحدة, ومش بس خفيوا, لكن كمان الناس عرفت حقيقتهم, وإرهابهم, وكارهينهم تماماً, وهم دلوقتي مستخبيين وخايفين يوروا وشهم لحد.
وعشان تشوفوا إحنا جنبناكوا قد إيه تخيلوا كده لو كان شفيق هو اللي بيحكم؟ كان زماننا دلوقتي كلنا كده على بعضنا "احنا وانتوا, والحديث للثوار الأصليين بس" مرميين ف السجون بمحاكمات عسكرية "والعباسية بروفة", وكان زمان الإخوان لإنهم بيعملوا صفقات على روحهم - ومحمد محمود ومجلس الوزرا يشهدوا - حاطين إيديهم في إيد شفيق في إيد الجيش في إيد القضاء في إيد الشرطة في إيد الإعلام في إيد المواطنين الشرفاء وأعضاء حزب الكنبة, ومتفقين عليكوا.
ولو فكرنا نثور على شفيق, كان زماننا كام ألف واقفين ف التحرير بنصوّت وماحدش سامعنا, مش بننزل بعشرات الملايين زي ما عملنا مع الخروف.
وبتجاوز كل ما سبق, ونفترض إننا عرفنا نخلع شفيق, كان زماننا داخلين على انتخابات جديدة, والإخوان لسه ماخدوش فرصتهم فيكسبوا, ونعيد م الأول خالص بقى. بذمتكوا مش وفرنا عليكوا تعب كتير؟
حقنا عليكوا إنكوا تعتذرولنا, بس قشطة احنا اخوات يعني
=
طبعاً الكلام مش عن اللي عصروا لمون وعرصوا بعدها زي سلامة عبد الحميد وأمثاله, وفيه أسامي تانية كنت عايز أذكرها, بس بلاش لزوم المصالحة الوطنية وكده :-)


تفرق كتير "يسقط يسقط حكم العسكر" عن "يسقط يسقط حكم العسكر"

احنا اصحاب هتاف "يسقط حكم العسكر" اللي اتشرفنا بقوله واحنا ثابتين في مكاننا واحنا 100 نفر بصدورنا العارية, احنا اللي اعتصمنا قدام مجلس الوزراء لمنع دخول كمال الجنزروي "الفلول" في عز ما كانوا الخرفان بيهللوله.
احنا اللي قلنا "عدل" وقت ما كانوا واقفين مع "الندل", ودفعنا تمن اللي قلناه دم.
احنا اللي وقفنا ف وش الرصاص مابنقاوموش ونفسنا يصيبنا عشان نروح لشهدائنا يطبطبوا علينا من خستكوا وندالة الناس اللي كانت بتقول "إيه اللي وداهم هناك".
احنا اللي مشينا ف جنازة الإمام الشهيد عماد عفت وهم بيشتمونا طول الطريق.
احنا اللي معانا المناديل اللي فيها دم الشهيد محمد مصطفى كاريكا. احنا اللي كنا محاوطين دمه الطاهر بالحجارة وعمالين نوريه واحنا بنصرخ ف الناس اللي رايحين أشغالهم الساعة 6 الصبح, لما كان الجيش بيوقف الضرب أول ما الدنيا تنور عشان الناس ماتشوفش جرايمه.
احنا اللي كلنا اتعرينا لما ست البنات اتعرت بس فضلنا "مستورين من جوانا" بعد ما "جسمنا اتكشف" عشان كنا ع الحق وعارفين إننا ع الحق, حتى لو كنا 100 بني آدم.
احنا اللي طلعنا من معركة مجلس الوزرا نفسيتنا متشرحة, وأذهاننا متدمرة, وأجسادنا مكسرة.
واحنا اللي كملنا بعدها ونزلنا يوم 25 يناير 2012 بمسيرات ماشفتهاش مصر قبل كده, بنهتف "يسقط حكم العسكر", وبنطلب القصاص لشهدائنا, والعسكر ردوا على كده بمذبحة بورسعيد, اللي راح فيها مننا 72 شهيد, نزلنا نطالب بحقهم وحق اللي قبلهم في الوقت اللي كانوا بيقفوا فيه ف مجلس الشعب يصقفوا للمجرم محمد إبراهيم وزير الداخلية وقتها وهو بيقول "مافيش خرطوش".
احنا اللي هنفضل لآخر عمرنا نسعى ورا إننا نجيب حق شهداء حكم العسكر وكل شهدائنا الأطهار, ومش هيمنعنا عن ده إلا إننا نموت زيهم.
احنا اللي بنهتف بسقوط أي حاكم ظالم في عز جبروته, واحنا اللي هنسقط أي حاكم يتهاون لحظة ف القصاص لكل شهدائنا الأطهار.

السبت، 16 مارس 2013

ثمان أيام من العنف: تقرير لجنة المركز المصري لتقصي الحقائق في أحداث المنصورة




الأحد:-
بداية الأحداث
 بدأت أحداث المنصورة, حسب شهادة مسئول بارز فى التيار الشعبى بالدقهلية, باجتماع للقوى السياسية المعارضة بالمحافظة, اتفقوا خلاله على الدعوة لعصيان مدنى ضد حكم الإخوان, واعتراضاً على سياسات النظام الحاكم, وممارسات وزارة الداخلية القمعية, ودعماً لمدينة بورسعيد, واتفقوا على أن تكون بداية الفعاليات الاحتجاجية فى يوم الأحد 24 فبراير, بتجمع فى الساحة الواقعة أمام مقر محافظة الدقهلية, وهى مكان الاحتجاج الأبرز فى محافظة الدقهلية, منذ قيام ثورة 25 يناير, ويُطلق عليها اسم "ساحة الشهداء", تيمناً بشهداء الثورة.
 وبالفعل, تجمع العديد من النشطاء السياسيين من كافة القوى السياسية المعارضة, وبعض المستقلين, صباح الأحد, فى ساحة الشهداء, المواجهة لمبنى محافظة الدقهلية للدعوة للعصيان المدنى, والتفاوض مع موظفى ديوان المحافظة للانضمام للعصيان المدنى.
 لم يحاول أحد من المشاركين فى الدعوة للعصيان, منع أى موظف عن أداء عمله, لأن الغرض من الفاعلية هو الدعوة للعصيان, وليس إجبار الموظفين عليه, كما قال "ر.ع" أحد النشطاء الذين شاركوا فى الفاعلية.
كانت المفاجأة فى التجاوب الشديد الذى لاقته الدعوة للعصيان, من موظفى ديوان المحافظة, حسبما أكد لنا عدد ممن شاركوا فى هذه الدعوة.
تزامن ذلك مع وقفة احتجاجية نظمها بعض سائقي الميكروباصات والتاكسيات, احتجاجاً على رفض المحافظ مقابلتهم والاستماع إلى مطالبهم, فاجتمع فى ساحة الشهداء, المحتجون مع الموظفين وأصحاب المظالم -على اختلاف مطالبهم- وتعالت الهتافات الغاضبة ضد النظام الحاكم, والمنددة بـ"حكم المرشد", وبعنف وزارة الداخلية المفرط فى التعامل مع الاحتجاجات السياسية والاجتماعية.
 قرر العديد من المشاركين فى هذه الاحتجاجات, الاعتصام فى ساحة الشهداء, لتفعيل الدعوة للعصيان المدنى, وقال أحد المشاركين فى هذا الاعتصام, أن قوات الأمن تعهدت للمعتصمين, بعدم التعرض لهم, شريطة الالتزام بثلاثة أمور هى: (عدم الاعتداء على مبنى المحافظة, أو منع موظفيها من مزاولة أعمالهم, أو قطع الطريق), وقبل المعتصمون بالاتفاق فى مقابل قيام قوات الأمن بحمايتهم, خاصة بعد تواتر الأنباء عن نية أعضاء جماعة الإخوان المسلمين فى التوجه للاعتصام وفضه بالقوة.
الإثنين:-
 صباح الإثنين, توافد العديد من أبناء المحافظة, إلى ساحة الشهداء, للمشاركة فى الفاعليات الاحتجاجية, وامتثل عدد كبير للغاية من موظفى ديوان المحافظة, لدعوة العصيان, وانصرفوا من مكاتبهم وانضموا للمحتجين فى الساحة, بعد التوقيع فى دفاتر الحضور, حسبما أكد لنا "م.أ" أحد موظفى ديوان المحافظة.
 نظم عدد كبير من شباب القوى السياسية, وقفة احتجاجية أمام مبنى المحافظة, للتنديد بالتعذيب المنهجي الذى تمارسه قوات الشرطة, والمطالبة بحق شهداء التعذيب, الذين كان آخرهم الشهيد "محمد الجندى", حسبما قال لنا "إ.ف" أحد المنظمين لتلك الوقفة, وانضم هؤلاء الشباب لأقرانهم المعتصمين.
الميليشيات تظهر من جديد
 فى حوالى الساعة الحادية عشرة صباحاً, فوجئ المعتصمون, بساحة الشهداء, بهجوم عليهم من مدنيين, فى محاولة لفض الاعتصام بالقوة, وعرف المتظاهرون أن المهاجمون ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين لأن الهتاف ضد المرشد كان يزيدهم عدواناً وشراسة, كما قال "أ.ط" أحد شهود العيان, الذي أضاف أن الثوار استطاعوا التعرف على بعض المهاجمين, وهم "رضا.إ", و"محمد.ع", و"أيمن.ع", و"راضي.غ", و"عبد المقصود.م", و"مجدي.س", و"عمر.أ", و"حسن.ع", و"إسلام.ع", و"صبحي.ع" (أعضاء من حزب الحرية والعدالة التابع لجماعة الإخوان المسلمين) , وقال شاهد العيان أن المتظاهرين لم يقوموا بتقديم بلاغات رسمية ضد هؤلاء, وذلك لعدم ثقتهم في أن أجهزة الأمن ستتخذ أية إجراءات جدية ضدهم , إلا أن محامى المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قام بتحرير ثلاثة محاضر لثلاثة من المعتدى عليهم ضد إثنين من المعتدين, وحملت هذه المحاضر أرقام 2875 و2876 و2877 لسنة 2013 قسم ثان المنصورة.
نظم الإخوان أنفسهم لأربعة فرق, تحرك الأول منهم من يمين المحافظة, والثانى من يسارها, والثالث خرج من باب المحافظة رقم (3), أما الفريق الأخير فقد صعد لأعلى مبنى المحافظة, وأخذت جميع هذه الفرق فى رشق المتظاهرين بالحجارة لإجبارهم على ترك الساحة.

تهديدات برجم النساء الغير محجبات واعتداءات بالجملة تحت بصر الشرطة
اعتدى منتسبي جماعة الإخوان على الإعلاميين المتواجدين لتغطية الأحداث, وعلى السيدات المعتصمات, ونالت السيدات غير المحجبات القسط الأكبر من الاعتداءات, وقال لهم المهاجمون أنهم سيرجمونهن بالحجارة, حسب رواية "م.غ" أحد شهود العيان, وكان من بين المعتدى عليهن, سيدة مسنة, وابنتها الطبيبة"د.مروة ماهر", التي كانت قد هرعت للساحة لعلاج المصابين من المعتصمين, وكذلك ناشطتين آخرتين تدعيان "سلمى", و"فاتن".
 انبرى عدد من الشباب المعتصمين للدفاع عن السيدات المعتدى عليهن, فقام أعضاء الإخوان بخطف ثلاثة منهم, هم "أ.ط", و"س.ص", و"م.م", وأوسعوهم ضرباً بالأيدى والأرجل وقطع الرخام المكسور, وأحدثوا بهم إصابات خطيرة, ثم ألقوا بأحدهم وهو "أ.ط" فى الحديقة الواقعة خلف مبنى المحافظة, وذلك كله فى وجود ضابط الشرطة "أحمد أبو الخير" معاون مباحث قسم ثان المنصورة, الذي لم يحرك ساكناً, كما قال "أ.ط" نفسه.
 اضطر المعتصمون للانسحاب لحي "المختلط" القريب من المحافظة, فى محاولة لتنظيم الصفوف, ورد العدوان المفاجئ, وانتظاراً للمتضامنين, فطاردهم أعضاء الإخوان داخل شوارع الحى, وقذفوهم بالحجارة, ومنع تراشق الحجارة, موظفي ديوان المحافظة من الخروج من باب المحافظة المؤدي لحي المختلط.
 نجح المعتصمون والثوار الذين جاءوا لنجدتهم, فى لملمة صفوفهم, وحاولوا العودة لساحة الشهداء, سالكين الطريق المار من أمام بنك المصرف المتحد, المقابل للمحافظة, وما أن رآهم أعضاء الإخوان الذين احتلوا ساحة الشهداء, حتى عادوا لرشقهم بالحجارة.
 تزامن هذا مع ظهور قوات الأمن أخيراً, وكان هم القوات الأول هو تأمين مقر المحافظة, وإبعاد المتصارعين عنه, فتفاوضت قيادات الأمن مع الإخوان على البعد عن مقر المحافظة قليلاً والتراجع حتى ساحة الشهداء, ومع الثوار على عدم قطع الطريق فى مقابل الإتيان بالشابين اللذين مازالا قيد اختطاف الإخوان لهم.
 أتى الأمن للثوار برفيقيهم المخطوفين بالفعل, وابتعد الثوار عن نهر الطريق, وابتعد الإخوان عن مبنى المحافظة, الذي أصبح فى حوزة قوات الأمن بالكامل, إلا أن الإخوان استمروا فى رشق الثوار بالحجارة, مما دفع الثوار لمبادلتهم قذف الحجارة والتقدم نحوهم للدفاع عن أنفسهم, في ظل اكتفاء الأمن بإطلاق أعيرة الخرطوش في الهواء.
بداية هجوم الأمن
 استمر التراشق بالحجارة بين الطرفين, وأصبح الثوار في نهر الطريق لدفع العدوان المستمر عليهم, فهاجمهم الأمن لمخالفتهم اتفاق عدم قطع الطريق, ومن الطريف أن هجوم الأمن أسقط أحد قيادات الشرطة الذي كان يحاول التفاوض مع الثوار على البعد عن نهر الطريق.
 أطلقت قوات الأمن, قنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين لإبعادهم عن نهر الطريق, فرد المتظاهرون على هجوم الأمن بإلقاء الحجارة على الجنود, الذين بادلوهم التراشق بالحجارة, وطاردت مدرعات الشرطة, الثوار, حتى شارع قناة السويس, واختطفوا بعضاً منهم, ثم تركوهم بعد أن تعرضوا للضرب المبرح, مما أجج الغضب فى نفوس المتظاهرين.
 تزايدت أعداد المتظاهرين الغاضبين من تعامل الأمن العنيف مع الثوار, وسكوته عن ممارسات أعضاء جماعة الإخوان, وتزايدت أعداد قنابل الغاز التي يطلقها الأمن على المتظاهرين, وبدأت قوات الشرطة في استخدام طلقات الخرطوش لمواجهة تزايد أعداد المتظاهرين, مما أوقع العديد من الإصابات فى صفوف المتظاهرين, وذلك في الوقت الذي انصرف فيه أعضاء الإخوان من ساحة الشهداء, إلى حي "توريل" المجاور لمبنى المحافظة .
 أصابت قنابل الدخان التى أطلقها الأمن عيادة "د. جمال خطاب" للنساء والتوليد, الكائنة ببرج المحافظة ب24 شارع الجيش المجاور للمديرية, مما نتج عنه إصابة العديد من الأطفال حديثي الولادة باختناقات شديدة كادت تودى بحياتهم, وأصابت القنابل كذلك كافة شقق إحدى العمارات التى تقع في مدخل شارع قناة السويس, والتى تحوي مقرات عدد من الأحزاب والحركات السياسية, وذلك بعد أن لجأ المتظاهرون لهذه العمارة للاحتماء داخل مقراتها من عدوان الأمن.
 انتشرت أنباء غير دقيقة تفيد بوفاة بعض الأطفال الرضع فى عيادة الولادة المشار إليها سابقاً, مما دفع البعض لإطلاق زجاجات المولوتوف على قوات الأمن, فاشتلعت إحدى المدرعات, مما أثار حفيظة الشرطة, التى انطلق جنودها للانتقام من كل المدنيين, متظاهرين وعابري سبيل, ثأراً لمدرعتهم المحروقة.
 عمارة الثورة
 أمام الهجوم العنيف للأمن, تزايدت أعداد المتظاهرين المتوجهين إلى البناية التي يوجد بها مقار عدد من الأحزاب السياسية, للاحتماء فيها, فهذه البناية الفريدة من نوعها, يوجد بها مقرات أحزاب "التحالف الشعبي الاشتراكي", و"الاشتراكي المصري", و"الكرامة", و"الوسط", و"التيار الشعبي", وبالفعل قامت جميع الأحزاب الموجودة في البناية بفتح مقراتها للثوار, عدا حزب "الوسط", الذي أغلق أبواب مقره أثناء الأحداث
 طاردت قوات الأمن المتظاهرين داخل البناية واعتدت عليهم على سلالمها, وقامت باعتقال بعضهم, ثم تركت البناية, بعد دفاع الثوار عنها, وعن مقرات الأحزاب الثورية التي فتحت أبوابها لهم.
 استمرت الاشتباكات حتى الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء, إلى أن هدأت بعد طلوع الفجر, مخلفة عشرات الإصابات فى صفوف المتظاهرين, الذين ما لبثوا أن عادوا لساحة الشهداء بعد توقف الأمن عن الهجوم عليهم.
الثلاثاء:-
 استقر الثوار أخيراً في ساحة الشهداء بعد الليلة الدامية, وعاودوا الدعوة إلى العصيان المدنى بحماس أكبر, وكانت استجابة موظفى ديوان المحافظة لدعوتهم أوسع, ولم تسجل دفاتر أمن المحافظة أي محاولة لمنع الموظفين عن أداء عملهم بالقوة, كما أكد لنا "م.أ" أحد موظفي الديوان.
 مر النهار هادئاً, لكن الاشتباكات تجددت قرب الثامنة مساءً, وتكررت أحداث اليوم السابق, بصورة أقل عنفاً, حيث اكتفت قوات الشرطة باستخدام قنابل الغاز فقط, ولم تستخدم طلقات الخرطوش, مما قلل من عدد الإصابات في صفوف المتظاهرين بالمقارنة باليوم السابق, وأعلنت أحزاب "التحالف الشعبي الاشتراكي", و"الاشتراكي المصري", و"الكرامة", و"التيار الشعبي" عن فتح مقراتها للثوار وعن إقامة مستشفيات ميدانية في هذه المقرات, لإسعاف وعلاج مصابي الأحداث, وتكررت محاولة قوات الأمن فى اقتحام مقار هذه الأحزاب الثورية, ولكنها لم تنجح كذلك, ثم هدأت الاشتباكات تماماً قرب منتصف الليل, واستمرت سيطرة الثوار على ساحة الشهداء.
الأربعاء:-
 تحولت البناية الحاوية لمقار الأحزاب الثورية, بمدخل شارع قناة السويس, إلى قبلة للثوار المعتصمين, يقصدون شققها للراحة أو لتناول الطعام أو تضميد جراحهم, وامتد النشاط في هذه المقار لتتحول لمراكز إعلامية, حيث اتخذ الصحفيون والمراسلون من مقار الأحزاب مستقراً ليزاولوا فيه مهنتهم في تغطية الأحداث أولاً بأول, وأصدرت هذه الأحزاب بيانات مؤيدة للثوار ومرحبة بهم وداعمة لهم, وأطلق الثوار على هذه البناية اسم "عمارة الثورة".
بدأت الاشتباكات في ذلك اليوم مبكراً عن سابقيه, ففي حوالي الثالثة عصراً, بدأت قوات الأمن في الهجوم على المتظاهرين الغادين والرائحين من وإلى "عمارة الثورة", بذريعة حماية مقر مديرية الأمن منهم.
فرية مديرية الأمن
 كما أسلفنا, فإن البناية التي تحوي مقار الأحزاب الثورية, والتي أطلق عليها الثوار اسم "عمارة الثورة", تقع في مدخل شارع قناة السويس, المواجه لساحة الشهداء, وبالتالي أصبح الطريق من البناية إلى الساحة وبالعكس مكتظاً بالثوار.
 أما مقر مديرية الأمن فهو يقع على مدخل شارع قناة السويس في الجهة المقابلة لـ"عمارة الثورة", والجدير بالتوضيح أن أحداً لم يتعرض لهذا المقر من قريب أو بعيد, علاوة علي أنه مهجور تماماً لأنه المقر القديم لمديرية الأمن, التى انتقلت بكاملها لشارع الكورنيش, الذي يسميه أهل المنصورة "المشاية", وهو مكان بعيد تماماً عن بؤرة الأحداث.
-           بحجة حماية مقر مديرية الأمن المهجور , هاجمت قوات الأمن, المتظاهرين والمارة بضراوة, وأسرفت في استخدام قنابل الغاز, فبدأ الثوار في رد الهجوم باستخدام الحجارة, فصعدت قوات الأمن من عنفها وبدأت في استخدام طلقات الخرطوش, وأوقعت عدداً كبيراً من الإصابات في صفوف المتظاهرين, وسحلت بعضهم على أسفلت الطريق, واعتقلت آخرين, واحتجزتهم في مبنى مديرية الأمن المهجور, فحاول الثوار اقتحامه لتحرير زملائهم المخطوفين, وهنا ظهر بعض الأشخاص مجهولي الهوية يرتدون الزي المدني من داخل المقر, وهاجموا الثوار, وطاردوهم في الشارع.
 إثر تصاعد وتيرة الاشتباكات, لجأ العديد من المتظاهرين إلى "عمارة الثورة" للاحتماء فيها, إلا أن قوات الأمن قامت باقتحام مقرات حزب التحالف الشعبي الاشتراكي, والحزب الاشتراكي المصري, والتيار الشعبي, واعتقلت عدداً من المتواجدين بداخلهم منهم "إسلام فؤاد" و"عبد الرحمن غريب" و"إسلام العيسوي", وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع داخل المقرات, التي سجلت مستشفياتها الميدانية 72 إصابة بطلقات الخرطوش في هذا اليوم وحده, كان من بينها 7 إصابات في العيون, وأخطرها للمصاب "كريم عادل".
 استمرت اشتباكات هذا اليوم حتى الفجر, ثم انسحبت قوات الأمن من الشوارع لتسود حالة من الهدوء النسبي.
الخميس:-
 بعد انتشار أخبار معارك المنصورة, واقتحام مقرات أحزابها, والاعتداء على المستشفيات الميدانية, توافد على المنصورة العديد من أبناء المدن والمحافظات المجاورة لمساندة أبنائها في التصدي لهجمات قوات الأمن الوحشية, التى بدأت في هذا اليوم في حوالي السابعة والنصف مساءً لتأخذ الاشتباكات نفس إيقاع الأيام السابقة, مع تطور نوعي تمثل في امتداد المواجهات لشوارع حي "توريل", بعد أن طارد الأمن المتظاهرين حتى هناك, واشتركت بعض العناصر المدنية مع الأمن في الهجوم على الثوار باستخدام قنابل المولتوف, وقال "ن.ع" أحد النشطاء السياسيين أن هؤلاء المدنيين ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين, وأضاف "ن", أن هؤلاء المنتمين للإخوان اشتركوا مع قوات الأمن في محاصرة المستشفيات الميدانية, لمنع تلقي المصابين للعلاج فيها, وكذلك منع الأدوية من الوصول للمستشفيات, وقال أيضاً أن قوات الأمن قامت بمطاردة سيارات المواطنين التى تطوعت لإنقاذ المصابين, بمساعدة من عناصر الإخوان التى قادها "صابر.ز" القيادى بالجماعة في الدقهلية.
خلفت اشتباكات ذلك اليوم أعداداً كبيرة من المعتقلين والمصابين في صفوف المتظاهرين, ثم هدأت الاشتباكات كالعادة قرب الفجر.
الجمعة:-
 دعت القوى الثورية في المحافظة لتنظيم مسيرات تحت اسم "التعدي على السيدات خط أحمر", وانطلقت هذه المسيرات بعد صلاة الجمعة من مساجد عديدة بالمدينة, وشارك فيها آلاف المتظاهرين, والتقت هذه المسيرات في ساحة الشهداء بميدان الثورة, وعندما وصل المتظاهرون للميدان وجدوا سيارت الإسعاف مرابضة في الميدان تحسباً لوقوع أحداث عنف, ولم يمر الكثير من الوقت حتى بدأ هذا العنف في الخامسة مساءً تقريباً, حيث هاجمت قوات الأمن المتظاهرين بضراوة, لإبعادهم من أمام مبنى المحافظة, على الرغم من عدم حدوث أية محاولة لاقتحام المبنى من قبل المتظاهرين, كما أكد "ر.ع" أحد شهود العيان, وطارد الأمن المتظاهرين في الميدان, , وفي شارع قناة السويس, بالهراوات وقنابل الغاز والمدرعات, ودهست مدرعات الشرطة عدداً من المتظاهرين, مما نتج عنه استشهاد أحدهم, ويدعى "حسام الدين عبد الله عبد العظيم", والبالغ من العمر 35 عاماً, إثر قيام المدرعة بدهسة ذهاباً وجيئة, فتهشمت جمجمته, ولقى مصرعه في الحال, مما ألهب مشاعر المتظاهرين الذين بدأ بعضهم في إلقاء قنابل المولوتوف على قوات الأمن, وتسببت هذه القنابل في احتراق ثلاثة مدرعات بالكامل, واضطرت قوات الأمن للانسحاب تماماً من شارع قناة السويس إثر اشتداد مقاومة الثوار للعدوان, قبل أن تعاود هذه القوات الهجوم على الثوار مستخدمة الرصاص الحي الذى أصاب ثلاثة من المتظاهرين, حسب أقوال شاهد العيان "ر.ع", الذي أضاف أن سيارات الإسعاف رفضت إنقاذ المصابين, رغم تواجدها في موقع الأحداث من قبل بداية المواجهات, وكان من بين هؤلاء المصابين, "مها صبري", و"سامية السيد" اللتان أصيبتا إثر ضربهما بالشوم من قبل المدنيين المرافقين للأمن, وتمادت قوات الأمن في استخدام رصاص الخرطوش, وأحدثت عشرات الإصابات في صفوف المتظاهرين, وكان منها عدة إصابات خطيرة, كحالة المتظاهر "أحمد علي" الذى أصيب بخرطوش الشرطة في عينه.
المستشفيات الميدانية تحت القصف
 هاجمت قوات الشرطة, المستشفيات الميدانية, بقنابل الغاز, وطلقات الخرطوش, وحاولت القبض على أحد مسئولى المستشفى الميداني بمقر التيار الشعبى, الذى يدعى "طه لمعي", إلا أن المتظاهرين نجحوا في تخليصه من يدهم.
 انسحبت قوات الأمن من أمام "عمارة الثورة", بعد أن ذاعت أخبار الاعتداء على المستشفيات الميدانية فى الإعلام, وأثارت العديد من الانتقادات التي وصفت هذه الاعتداءات المتكررة على المستشفيات الميدانية بجرائم الحرب.
 هدأت الأوضاع نسبياً بعد انسحاب قوات الأمن من محيط "عمارة الثورة", إلا أنها اشتعلت مرة أخرى, عندما قام مدنيون بمعاودة حصار البناية, وعاودوا أيضاً الاعتداء على السيدات, وكذلك عاودوا اختطاف بعض الثوار, وسلموهم للأمن, وقال شهود العيان أن هؤلاء الأشخاص, كانوا مسلحين بكافة أنواع الأسلحة, حتى النارية منها, وأن هذه الافعال حدثت تحت سمع وبصر قوات الأمن, التى وصف الشهود أفعالها بالتواطؤ الصريح مع هذه العناصر المدنية, التى أجمع شهود العيان على انتمائهم لجماعة الإخوان المسلمين, لسابق معرفتهم بهم.
 بعد تمكن الثوار من رد هذا الهجوم, اضطرت عناصر جماعة الإخوان, للتراجع حتى مبنى مديرية الأمن القديمة, المواجه لـ"عمارة الثورة", واعتلى بعض هذه العناصر, مقر المديرية بمساعدة الأمن, وقاموا بإطلاق طلقات الخرطوش على الثوار, مما أوقع بعض الجرحى مرة أخرى, وكان من بين هؤلاء الجرحى, أربعة من الشباب الذكور, وسيدة, وأصيب أحد الشباب بطلق خرطوش, بعد أن كان قد خرج لتوه من المستشفى الميدانى بعد تلقيه إسعافاً لإصابة سابقة بالخرطوش أيضاً, كانت قد حدثت له قبل زمن يسير, وارتفع معدل إصابات الخرطوش حتى وصل 12 حالة, منها بعض الحالات في العيون.
عجز المستشفيات الميدانية عن مواجهة تزايد الإصابات
نفذت مستلزمات الإسعافات الأولية من المستشفيات الميدانية عن بكرة أبيها, بعد أن زادت حالات الإصابات بدرجة كبيرة إثر المواجهات العديدة بالغة العنف التي شهدها ذلك اليوم, وتكرار حصارها ومنع وصول الإمدادات الطبية إليها, ولم يستطع أحد من متطوعى المستشفيات الميدانية حصر عدد الإصابات بدقة في هذا اليوم من كثرة ما ورد إليهم من جرحى.
المستشفيات الميدانية تحت القصف مرة أخري
 بعد أن اشتعلت المواجهات بين المنتمين للإخوان, والثوار, عاودت قوات الأمن هجومها على الثوار, وأحبرتهم على التراجع حتى "عمارة الثورة", التي عاودت قوات الأمن حصارها, وإطلاق القنابل المسيلة للدموع, بل وطلقات الخرطوش على المستشفيات الميدانية الواقعة بها, واقتحمت مقرات الأحزاب مرة أخرى, إلا أن الثوار حاولوا الدفاع عما اعتبروه ملجأهم المتمثل في "عمارة الثورة", وردوا هجومها على مقرات الأحزاب الثورية والمستشفيات الميدانية, وأجبروا القوات على كسر الحصار والتراجع, مما نقل المواجهات إلى الشوارع الجانبية, ونجم عن هذه المواجهات, اعتقال العديد من شباب المتظاهرين, قبل أن تنسحب لتنتهى بذلك أحداث ذلك اليوم الدامى, الذي سجل أول حالة استشهاد في صفوف المتظاهرين, والذي اتفق المتظاهرون على تشييع جنازته في صباح اليوم التالى.
 استدعت النيابة العامة رقيب الشرطة/ "محمد داوود صديق", ووجهت له اتهاماً بدهس الشهيد "حسام عبد الله", أثناء قيادته لمدرعة الأمن المركزي رقم 14 ب / 5679 زيتية اللون, وأصدرت قراراً بحبسه أربعة أيام على ذمة التحقيقات, إلا أن قاضى المعارضات أصدر صباح الخميس 7/3/2013, قراراً بإخلاء سبيله بضمان مالى قدره خمسة آلاف جنيه.
السبت:-
 تجمع المتظاهرون أمام مستشفى المنصورة الدولي, انتظاراً لخروج جثمان "حسام عبد الله", شهيد اليوم السابق, وانطلقوا بها إلى جامع النصر, الذي صلوا فيه على روح الشهيد, وحملوا جثمانه الطاهر, وطافوا به شارع قناة السويس, الذي شهد واقعة دهسه بمدرعة الشرطة, ثم توجهوا به لشارع الجيش, في طريقهم إلى مدافن "العيسوي", التى تعد أكبر المدافن بالمحافظة, لإيصاله إلى مثواه الأخير, إلا أنه أثناء مرور الجنازة في خط سيرها الطبيعي للمدافن, مروا بسجن المنصورة القريب من المدافن, فهتف المشيعون ضد وزارة الداخلية وممارساتها الإجرامية التى كان أحدثها آنذاك, قتل الشهيد "حسام عبد الله" صاحب الجنازة, فما كان من قوات الأمن التي تتولى حراسة السجن إلا أن قامت بإطلاق الغازات المسيلة للدموع وطلقات الخرطوش على المشيعين, مما أحدث عدداً من الإصابات بين المشيعين, إلا أن الجنازة واصلت سيرها حتى وصلت بجثمان الشهيد لمثواه الأخير, إلا أن الكيل كان قد طفح بالثوار, مما دفعهم للعودة لساحة الشهداء, وقام بعضهم باقتحام مقر مديرية الأمن القديم, في تصعيد رمزي ضد عنف الأمن.
 قامت قوات الأمن بالرد باستخدام طلقات الخرطوش, وبلغ عدد مصابي الاشتباكات حوالي 88 مصاباً بالخرطوش, منهم 3 إصابات بالعيون, حسب آخر تقارير للمستشفيات الميدانية قبل اقتحامها.
إقتحام آخر لمقرات الأحزاب والمستشفيات الميدانية
 ارتأت قوات الشرطة أن اقتحام البعض لمبنى مديرية الأمن القديم, هو إهانة بالغة, فكان ردها باقتحام "عمارة الثورة", التي كانت غرفة عمليات الثورة, ومأوى الثوار في الأيام السابقة, فقامت قوات الأمن باقتحام مقرات أحزاب "التحالف الشعبي الاشتراكي", و"الاشتراكي المصري", و"الكرامة", و"التيار الشعبي", وأتت على الأخضر واليابس في المقرات, واعتدت بالضرب وبالعصي وكعوب البنادق, على المتواجدين بها, وكان منهم النشطاء السياسيين "إبراهيم فضلون", و"طه لمعي", و"هدير مكاوي" و"يسري زيدان", و"طارق شعبان", و"محمود عبد العليم", والصحفي "علاء القهوجي" المصاب بالقلب, و"خالد حنفي" الذى ضربه أحد الجنود بالعصا في عينه اليسرى, وأجبر الجنود, مصور جريدة "الوطن" المدعو "سمير وحيد" على القفز من الطابق الثالث للنجاة من اعتداءات الأمن.
 بعثر الجنود مستلزمات المستشفيات الميدانية, وأرهبوا الأطباء, وأتلفوا الأدوية, وقبضوا على عدد من المتواجدين بالمقارات, من بينهم أحد المصابين الذين كانوا يتلقون العلاج, وقطعوا الكتب والأوراق الموجودة فى المقرات, وكسروا أثاثها, وأجهزة الكمبيوتر وآلات التصوير الموجودة بها, ولم يكتفوا بذلك, بل قاموا بإطلاق قنابل الغاز وطلقات الخرطوش داخل المقار لإرهاب المتواجدين, ثم قاموا بترحيل المتواجدين, وإغلاق البناية بالكامل, وحاصروها بالمدرعات لمنع دخول أحد إليها من الساعة 8 مساءً, وحتى 12 صباحاً, ثم انصرفوا بعد أن يأس المتظاهرون من الوصول لملجئهم .
حوادث اختطاف بالجملة
 قامت قوات الأمن باختطاف "حسن فريد" مصاب أحداث الثورة في يناير 2011, من أمام "عمارة الثورة", في ساعة متأخرة من الليل, وقال "حسن" أنه تم احتجازه داخل المدرعة, وفتح قنبلة غاز في وجهه, مما أصابه بحالة اختناق وتشنج, ثم تم نقله للمقر القديم لمديرية الأمن حيث تعرض للضرب, قبل أن يتم نقله في مدرعة أخرى, وإلقائه على الطريق الزراعي بين قريتى "شها"و و"سلمون" بكامل متعلقاته, وعثر عليه بعض النشطاء مساء السبت.
 قام مدنيون أيضاً باختطاف الناشط "راجى عادل", واعتدوا عليه بالضرب قبل أن يطلقوا سراحه.
 وقال أحد الشباب, ويدعى "يوسف شعبان حمزة" أنه يبحث عن صديقه "عبده الفتاح البحراوي", من وقتها ولكنه لم يجده.
 قدمت الأحزاب بلاغات للنيابة العامة, للتحقيق في وقائع اقتحام مقراتها, إلا أن النيابة العامة لم تجرِ أى تحقيقات فى هذه الوقائع حتى الآن.
الأحد:-
 صباح الأحد انطلقت تظاهرة كبيرة من جامعة المنصورة, دعت لها مختلف القوة السياسية بالمحافظة, وشارك فيها عدد من رموز الثورة, وانضم إليهم آلاف الطلاب والمواطنين, وانطلقوا لساحة الشهداء, للتأكيد على مواصلة النضال ضد النظام الحاكم وسياسات وزارة داخليته القمعية, ووصلت التظاهرة بسلام للساحة, دون اشتباكات مع الأمن هذه المرة, ربما لوجود عدد من رموز التيارات السياسية بين المتظاهرين, إلا أن الاشتباكات تجددت مرة أخرى فى المساء, ولكنها لم تشهد وقوع إصابات خطيرة كالأيام السابقة, وسرعان ما انتهت.
 إلا أنه لم يفت قوات الأمن أن تمارس عادتها اليومية في اقتحام "عمارة الثورة", لولا تصدي قيادات الأحزاب والمحامين لهم.
الإثنين:-
 مر اليوم هادئاً ودون أحداث عنف, سوى بعض الاشتباكات الطفيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين فى ساحة الشهداء, بالقرب من الثامنة مساءً, إلا ان هذه الاشتباكات توقفت لمرور "زفة" عروسين, بين الطرفين!
الثلاثاء:-
أضرب الأمن, فانتهى العنف
 أعلنت قوات الأمن المركزي, امتناعها عن الاشتراك في المواجهات مع الثوار, وطلبت إبعادها عن النزاعات السياسية, خاصةً بعد القبض على أحد أفرادها واتهام النيابة له بقتل الشهيد "حسام عبد الله", وأصدارها قراراً بحبسه (أخلي سبيله فيما بعد).
 وكان اللافت للانتباه أن اليوم لم تحدث خلاله أية اشتباكات أو أحداث عنف, رغم انطلاق مظاهرة ضخمة بقيادة عدد من رموز الثورة المصرية, في محاولة من الثوار للتأكيد علي أنهم لا يبادرون بالعنف, وأن سبب العنف الرئيسي هو إصرار السلطة السياسية على مواجهة الاحتجاجات بالحلول الأمنية التي ثبت فشلها مراراً وتكراراً.
الأربعاء:-
 استمر إضراب قوات الأمن, واستمر غياب العنف, وشهدت المدينة مسيرات صغيرة للتأكيد على مواصلة الثورة, والمطالبة بحق شهدائها, وخاصة شهيد المنصورة "حسام عبد الله".
إضافة إلي أن أعضاء مجموعة "الأولتراس" نطموا تظاهرة كبيرة أمام مديرية الأمن الجديدة ذاتها, ولم تحدث أى أحداث عنف, ولا محاولات اقتحام للمديرية, ولا أى شىء من هذا القبيل
الخميس:-
 تصاعد إضراب الشرطة عن العمل, وامتد أثره لتتوقف أقسام الشرطة عن العمل تماماً, وتمتنع عن استقبال أى بلاغات أو تحرير أى محاضر للمواطنين, بل أن الشرطة لم تقم بنقل متهمى الأحداث الأخيرة للمحكمة في مواعيدهم القانونية, ووصل الأمر لغياب عساكر المرور عن الشوارع, مما تسبب في حدوث اختناقات مرورية كبيرة, وتطوع بعض المواطنين لتنظيم المرور الذي يزداد تكدسه في أيام الخميس بطبيعة الحال.
=
للاطلاع على التقرير كاملاً بصيغة Pdf. اضغط هنا