الاثنين، 21 مارس 2016

تدوينة في ذكرى الثورة

قبل الثورة، 2010 كانت أكتر سنين حياتي بؤساً ويأساً. كنت فاقد الأمل في كل شيء، وجت 2011 وابتدت بداية مأساوية بتفجير كنيسة القديسين وافتكرت إنها هتبقى سنة أسوأ من اللي قبلها. ساعتها كانت ثورة تونس الملهمة بتحصل، وابتديت أتابع أحداثها بجنون وأنا بين الأمل في حدوث أي تغيير في الواقع الرتيب اللي كنا فيه، وبين التحسر على حالنا عشان كنت مستبعد إن يحصل عندنا ثورة شبهها. لما بن علي هرب، نزلت مظاهرة تضامنية مع الثورة التونسية على سلم نقابة الصحفيين وغضبت في المظاهرة دي غضب كبير جداً لإني حسيت وقتها إن الهتافات قديمة ومكررة. مشيت من المظاهرة وأنا مقرر ما أنزلش مظاهرات تاني أبداً. 
بعدها بكام يوم، ابتدت الدعوات لـ 25 يناير. اتعاملت مع الدعوات دي بسخرية شديدة في الأول، لكن نتيجة لزن شديد من أصحابي، قررت إني هانزل يوم 25 عشان بس أعرّف السلطة إن فيه ناس بتقول لها لأ وما كانش عندي أي طموحات في أي حاجة كويسة في الحقيقة. ابتدى حماسي يزيد في الأيام القليلة اللي بين قراري بالنزول ويوم 25، وشاركت مع أصحابي في الحشد لليوم كمان.
زي النهارده، نزلت مظاهرة شبرا اللي ابتدت بـ 10 أنفار. عند تقاطع في جزيرة بدران.. عشت لحظة أعتقد إنها الأسعد في حياتي.. كان فيه مظاهرات كبيرة جاية من الأربع جهات. ساعة ما الأربع مظاهرات ضموا على بعض وبقينا بالآلافات، وقفت أرقص في الشارع وأنا بازعق بهيستيريا: حرية.. حرية.. حرية. في اللحظة دي حسيت بكم أمل مهول، وحسيت إن كل الأحلام اللي حلمت بيها في حياتي قابلة للتحقيق، أو يمكن حسيت إنها اتحققت بالفعل. مشينا بعدها لميدان التحرير، وباقي الحدوتة معروف إلى حد ما.
بعد 5 سنين من اليوم ده، عاوز أقول إنه كان أجمل يوم في حياتي، وإن أكتر حاجة بافتخر بيها في عمري كله إني شاركت في الدعوة لـ 25 يناير وإني كنت من اللي شاركوا فيها من أولها، وإني ما تخلفتش عن ركبها أبداً، أو هكذا أظن.
عاوز أقول كمان إني مسامح أي حد لسه راكب قطر الثورة في أي موقف شفت إنه غِلِط فيه. كلنا بنغلط. وعشان كلنا بنغلط، بطلب من شركائي في الحلم يسامحوني ع الحاجات اللي شافوني فيها غلطان. بس أنا مش مسامح أي حد كان معانا في الرحلة دي واختار إنه يسيبنا وما يرجعلناش. لا مسامح اللي وقفوا مع المجلس العسكري، ولا اللي وقفوا مع الإخوان لما كانوا في الحكم، ولا اللي واقفين مع سُلطة يوليو.
أخيراً.. كل أملي إني أفضل لآخر عمري على درب 25 يناير، وإني أفضل أسعى لعيش وحرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية لكل الناس، وإني أعمل كل اللي أقدر عليه عشان خاطر المساجين السياسيين والمختفين قسرياً، وعشان نجيب حقوق الشهداء والمصابين وضحايا التعذيب والانتهاكات الجنسية والمحاكمات غير المنصفة، وعشان كمان نحاسب اللي أجرموا في حق الناس دي.
===